
في عالم السينما والتلفزيون، لا يُعد الزي مجرد مكمّل بصري أو زينة للشخصيات، بل هو عنصر درامي فعّال يمكنه أن يُحدث تحولًا عميقًا في نظرة المشاهد إلى الممثل، بل وإلى الشخصية نفسها. كثيرًا ما ساهمت الملابس في تغيير الصورة الذهنية لممثلين معروفين، ومنحتهم فرصة للخروج من الأدوار النمطية التي اعتاد الجمهور رؤيتهم فيها.
الزي… أكثر من مظهر خارجي
الزي ليس فقط تعبيرًا عن ذوق أو زمان أو مكان، بل هو لغة سردية صامتة. من خلاله، يمكن أن نقرأ الطبقة الاجتماعية للشخصية، حالتها النفسية، مهنتها، وحتى تحوّلاتها الداخلية. في كثير من الأعمال، كان تغيير المظهر عبر الزي هو المفتاح الرئيسي لفهم التغيرات التي تمر بها الشخصية.
كسر النمط وتغيير النظرة
كثير من الممثلين الذين التصق بهم طابع معين – مثل البطولة أو الكوميديا – استطاعوا كسر هذه الصورة من خلال أزياء غير مألوفة لأدوارهم. على سبيل المثال:
هيث ليدجر الذي ارتدى زي الجوكر بملامح غريبة وألوان صادمة، نقل الجمهور من صورة الفتى الوسيم إلى شخصية مرعبة ومعقدة.
تشارليز ثيرون في فيلم Monster، حيث ظهرت بملابس غير مرتبة ووجه خالٍ من التجميل لتؤدي دور قاتلة مضطربة، وهو ما منحها جائزة الأوسكار.
الزي كأداة نفسية للممثل
العديد من الممثلين يشيرون إلى أن لحظة دخولهم في الشخصية لا تكتمل إلا بارتداء ملابسها. فالزي:
يساعد على اعتماد لغة جسد تتناسب مع الدور.
يغيّر شعور الممثل تجاه نفسه.
يخلق انفصالًا نفسيًا بينه وبين أدواره السابقة.
في الدراما العربية أيضًا
شهدنا في السنوات الأخيرة تحولات مشابهة في الدراما العربية، مثل:
منى زكي في مسلسل تحت الوصاية، حيث ظهرت بملابس بسيطة ومهملة لتعكس واقع امرأة تعيش صراعًا طبقيًا وقانونيًا.
أحمد السقا عندما تخلى عن أدوار الأكشن في ولد الغلابة، وارتدى جلباب المعلّم الفقير، مما أعاد تقديمه بشكل مختلف تمامًا.
ختامًا
يبقى الزي في العمل الدرامي أو السينمائي عنصرًا جوهريًا في تشكيل الشخصية، وتوجيه مشاعر المتلقي. وعندما يُوظف بذكاء، يمكنه أن يُحدث انقلابًا بصريًا وسرديًا يُعيد تشكيل هوية الممثل، بل ومسيرته الفنية بأكملها.